كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


<تنبيه> قال أصحابنا في الأصول‏:‏ يجوز أن يجمع عن قياس كإمامة أبي بكر هنا فإن الصحب أجمعوا على خلافته وهي الإمامة العظمى ومستندهم القياس على الإمامة الصغرى وهي الصلاة بالناس بتعيين المصطفى صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

- ‏(‏ق ت ه‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن عائشة ق عن أبي موسى‏)‏ الأشعري ‏(‏خ عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ‏(‏ه عن ابن عباس وعن سالم بن عبيد‏)‏ الأشجعي من أهل الصفة نزل الكوفة روى عنه جماعة‏.‏

8176 - ‏(‏مروا بالمعروف‏)‏ أي بكل ما عرف من الطاعة من الدعاء إلى التوحيد والأمر بالعبادة والعدل بين الناس ‏(‏وانهوا عن المنكر‏)‏ أي المعاصي والفواحش وما خالف الشرع من جزيئات الأحكام‏.‏ وعرفهما إشارة إلى تقررهما وثبوتهما وفي رواية عرف الأول ونكر الثاني، ووجهه الإشارة إلى أن المعروف معهود مألوف والمنكر مجهول كمعدوم قال القاضي‏:‏ الأمر بالمعروف يكون واجباً ومندوباً على حسب ما يؤمر به والنهي عن المنكر واجب كله لأن جميع ما أنكره الشرع ‏[‏ص 522‏]‏ حرام ‏(‏قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم‏)‏ زاد الطبراني وأبو نعيم في روايتهما عم ابن عمر يرفعه وقبل أن تستغفروا فلا يغفر لكم إن الأمر بالمعروف لا يقرب أجلاً وإن الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى لما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعنهم اللّه على لسان أنبيائهم ثم عمهم البلاء اهـ بنصه، وقال عمر‏:‏ إن الزاهد من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نزعت منه الطاعة ولو أمر ولده أو عبده لاستخف به فكيف يستجاب دعاؤه من خالقه‏؟‏ وأخذ الذهبي من هذا الوعيد أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الكبائر قال ابن العربي‏:‏ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل في الدين وعمدة من عمد المسلمين وخلافة رب العالمين والمقصود الأكبر من فائدة بعث النبيين وهو فرض على جميع الناس مثنى وفرادى بشرط القدرة والأمن‏.‏

- ‏(‏ه عن عائشة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ في إسناده لين، وأقول‏:‏ فيه معاوية بن هشام قال ابن معين‏:‏ صالح وليس بذاك وهشام بن سعد قال في الكاشف‏:‏ قال أبو حاتم‏:‏ لا يحتج به وقال أحمد‏:‏ لم يكن بالحافظ‏.‏

8177 - ‏(‏مروا بالمعروف وإن لم تفعلوه وانهوا عن المنكر وإن لم تجتنبوه كله‏)‏ لأنه يجب ترك المنكر وإنكاره فلا يسقط بترك أحدهما وجوب الآخر ولهذا قيل للحسن فلان لا يعظ ويقول أخاف أن أقول ما لا أفعل قال وأينا يفعل ما يقول‏؟‏ ود الشيطان لو ظفر بهذا فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر ولو توقف الأمر والنهي على الاجتناب لرفع الأمر بالمعروف وتعطل النهي عن المنكر وانسد باب النصيحة التي حث الشارع عليها سيما في هذا الزمان الذي صار فيه التلبس بالمعاصي شعار الأنام ودثار الخاص والعام لكن للأمر والنهي شروط مقررة في الفروع منها أن يكون مجمعاً على وجوبه أو تحريمه وأن يعلم من الفاعل اعتقاد ذلك حال ارتكابه وأن لا يتولد من الأمر ما هو أنكر فإن غلب على ظنه تولد ذلك حرم الإنكار قال ابن عربي‏:‏ لو كشف لرجل أن فلاناً لا بد أن يزني بفلانة أو يشرب الخمر لزمه النهي لأن نور الكشف لا يطفئ نور الشرع فمشاهدته من طريق الكشف لا يسقط الأمر بالمعروف لأنه تعالى تعبدنا بإزالة المنكر وإن شهدنا كشفاً أنه متحتم الوقوع‏.‏

- ‏(‏طص‏)‏ وكذا في الأوسط ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك قال‏:‏ قلنا يا رسول اللّه لا نأمر بالمعروف ولا ننه عن المنكر حتى نجتنبه كله فذكره قال الحافظ‏:‏ فيه عبد القدوس بن حبيب أجمعوا على ضعفه وقال الهيثمي‏:‏ رواه الطبراني في الصغير والأوسط من طريق عبد السلام بن عبد القدوس بن حبيب عن أبيه وهما ضعيفان‏.‏

8178 - ‏(‏مسألة الغني‏)‏ أي سؤاله للناس من أموالهم إظهاراً للفاقة واستكثاراً ‏(‏شين‏)‏ أي عيب وعار ‏(‏في وجهه يوم القيامة‏)‏ لأنه جحد نعمة اللّه الواجب شكرها بسؤاله مع ما فيها من الذل والمقت والهوان في الدنيا لأن من سألهم ما بأيديهم كرهوه وأبغضوه لأن المال يحبونه لنفوسهم ومن طلب محبوبك فلا شيء أبغض إليك منه‏.‏

- ‏(‏حم عن عمران‏)‏ بن حصين رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح‏.‏

8179 - ‏(‏مشيك إلى المسجد وانصرافك إلى أهلك في الأجر سواء‏)‏ أي يؤجر على رجوعه كما يؤجر على ذهابه لكن لا يلزم من ذلك تساوي مقداريهما‏.‏

- ‏(‏ص عن يحيى بن يحيى الغساني‏)‏ بفتح المعجمة وشد المهملة وبعد الألف نون نسبة إلى غسان قبيلة كبيرة من الأزد منها يحيى هذا قاضي دمشق، روى عن ابن المسيب وعروة بن الزبير وعنه ابن عيينة وغيره مرسلاً‏.‏

‏[‏ص 523‏]‏ 8180 - ‏(‏مصوا الماء مصاً ولا تعبوه عباً‏)‏ زاد في رواية فإن الكباد من العب وقد مر غير مرة‏.‏

- ‏(‏هب عن أنس‏)‏ بن مالك وفي سنده لين‏.‏

8181 - ‏(‏مضمضوا من اللبن‏)‏ أي إذا شربتم لبناً فأديروا في فمكم ماء وحركوه ندباً ‏(‏فإن له دسماً‏)‏ قالوا‏:‏ وذلك من لبن الإبل آكد لأنه أشد زهومة والدسم الودك من شحم ولحم قال الفاكهاني‏:‏ أصل لفظ المضمضة مشعر بالتحريك والإدارة يقال مضمض النعاس في عينه‏.‏

- ‏(‏ه عن ابن عباس وعن سهل بن سعد‏)‏ الساعدي رمز المصنف لصحته وهو كما قال قال مغلطاي‏:‏ وهذا خرجه الأئمة الستة بغير لفظ الأمر وإطلاق المنذري وهم وقال الإمام ابن جرير‏:‏ هذا صحيح عندنا وفي الفردوس‏:‏ حديث صحيح‏.‏

8182 - ‏(‏مطل الغني‏)‏ أي تسويف القادر المتمكن من أداء الدين الحال ‏(‏ظلم‏)‏ منه لرب الدين فهو حرام فالتركيب من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل وقيل من إضافة المصدر للمفعول يعني يجب وفاء الدين وإن كان مستحقه غنياً فالفقير أولى ولفظ المطل يؤذن بتقديم الطلب فتأخير الأداء مع عدم الطلب ليس بظلم‏.‏ وقضية كونه ظلماً أنه كبيرة فيفسق به إن تكرر وكذا إن لم يتكرر على ما جرى عليه بعضهم لكن يشهد للأول قول التهذيب المطل المدافعة بالغريم ‏(‏وإذا اتبع‏)‏ بالبناء للمجهول أحيل ‏(‏أحدكم على مليءٍ‏)‏ كغني لفظاً ومعنى وقيل بالهمز بمعنى فعيل‏.‏ وضمن اتبع معنى أحيل فعداه بعلى ‏(‏فليتبع‏)‏ بالتخفيف أجود أي فليحتل والأمر للندب أو للإباحة عند الجمهور لا للوجوب خلافاً للظاهرية وأكثر الحنابلة فإن بعض الأملياء عنده من اللدود والعسر ما يوجب كثرة الخصومة والمضارة فمن علم من حاله ذلك لا يطلب الشارع اتباعه بل عدمه لما فيه من تكثير الخصومة والظلم وأما من علم منه حسن القضاء فلا شك في ندب اتباعه للتخفيف عن المديون والتيسير ومن لا يعلم حاله فمباح‏.‏ لكن لا يمكن إضافة هذا التفصيل إلى النص لأنه جمع بين معنيين متحاذيين بلفظ الأمر في إطلاق واحد فإن جعل للأقرب أضمر معه القيد‏.‏ ذكره الكمال ابن الهمام‏.‏ والحوالة نقل الدين من ذمة إلى ذمة‏.‏ زاد ابن الحاجب تبرأ بها الأولى، واعترض بأن النقل حقيقة إنما هو في الأجسام وبأن قوله تبرأ إلخ حشو لا يفيد إدخال شيء في الحد ولا إخراجه وبأنه حكم الحوالة وتابع لها وحكم الحقيقة لا يؤخذ في تعريفها وبأن أخذ لفظ الحق بدل لفظ الدين أولى إذ لا يصدق الدين على المنافع إلا بتكلف‏.‏

<تنبيه> من أمثالهم الحسنة‏:‏ الكريم ينشئ بارقة هطلة ولا يرسل صاعقاً مطلة‏.‏

- ‏(‏ق 4 عن أبي هريرة‏)‏ ورواه أحمد والترمذي عن ابن عمر‏.‏

8183 - ‏(‏مع كل ختمة‏)‏ أي مع كل ختمة يقرؤها الإنسان ‏(‏دعوة مستجابة‏)‏ بمعنى إذا عقبها بدعوة له أو لغيره استجيبت‏.‏

- ‏(‏هب عن أنس‏)‏ بن مالك ظاهر صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل عقبه بما نصه في إسناده ضعف وروي من وجه آخر ضعيف عن أنس - إلى هنا كلامه‏.‏

8184 - ‏(‏مع كل فرحة ترحة‏)‏ أي مع كل سرور حزن يعني يعقبه حتى كأنه معه لئلا تسكن نفوس العقلاء إلى نعيمها ولا تعكف قلوب المؤمنين على فرحاتها فيمقته اللّه سبحانه عند هجوم ترحاتها ‏{‏إن اللّه لا يحب الفرحين‏}‏ والترح ضد الفرح ‏[‏ص 524‏]‏ يقال ترح إذا حزن ويعدى بالهمز‏.‏

- ‏(‏خط‏)‏ في ترجمة أبي بكر الشيرازي ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ وفيه حفص بن غياث أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ مجهول‏.‏

8185 - ‏(‏معاذ بن جبل‏)‏ الأنصاري ‏(‏أعلم الناس بحلال اللّه وحرامه‏)‏ قالوا‏:‏ وإذا كان أعلم فهو أقضى فما معنى خبر وأقضاكم عليّ‏؟‏ وأجيب بأن القضاء يرجع إلى التفطن لوجوه حجاج الخصوم وقد يكون غير الأعلم أعظم فراسة وقريحة وفطنة ودربة وأحذق باستبانة وجه الصواب، أسلم معاذ رضي اللّه عنه وعمره ثمانية عشر سنة وشهد بدراً وسائر المشاهد، مات بالأردن في طاعون عمواس وسنه نحو خمس وثلاثين سنة‏.‏

- ‏(‏حل عن أبي سعيد‏)‏ الخدري وفيه زيد العمي وقد مر ضعفه وسلام بن سليمان قال ابن عدي‏:‏ عامة ما يرويه لا يتابع عليه‏.‏

8186 - ‏(‏معاذ بن جبل أمام العلماء‏)‏ بفتح الهمزة أي قدامهم ‏(‏يوم القيامة برتوة‏)‏ بفتح الراء وسكون المثناة الفوقية أي برمية سهم وقيل بميل وقيل بمد البصر وقيل بخطوة وقيل بدرجة، وأخرج ابن سعد عن أنس مرفوعاً أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل‏.‏ قال المؤلف‏:‏ هذا وهو المقتضي لكونه يأتي أمام العلماء يوم القيامة وهم في أثره، وعلم منه أن العلماء الذين يأتي أمامهم هم العلماء بالحلال والحرام وحملة الشريعة‏.‏

- ‏(‏طب حل عن محمد بن كعب‏)‏ القرظي ‏(‏مرسلاً‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عبد اللّه بن محمد بن أزهر الأنصاري لم أعرف حاله وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

8187 - ‏(‏معترك المنايا‏)‏ جمع منية من منى اللّه عليك خيراً قدر أي منايا هذه الأمة التي هي آخر الأمم ومعتركها ملابسة شدائدها والمعترك موضع الاعتراك للحرب ‏(‏ما بين الستين‏)‏ من السنين ‏(‏إلى السبعين‏)‏ لفظ رواية الحكيم والسبعين بالواو لا بالياء وذلك لأن مقدمات الضعف ونقص القوى تبدو بعد الأربعين ويستحكم الضعف إلى الستين وتتراجع القوى وذلك مقدمات الموت إلى السبعين في غالب هذه الأمة التي هي أقصر الأمم أعماراً ولم يجاوز منهم ذلك إلا القليل فأخذوا من الدنيا رزقاً قليلاً ببدن ضعيف في أمد قصير رفقاً من اللّه بهم وخيرة لهم لئلا يأشروا ويبطروا كما وقع ذلك لمن عظم جسمه وطال عمره من الأمم الماضية ثم ضوعفت حسناتهم وأيدوا باليقين وأعطوا ليلة القدر وغيرها جبراً لما فاتهم، وهذا الحديث عده العسكري من الأمثال، وقيل لعبد الملك بن مروان كم تعد فبكى وقال‏:‏ أنا في معترك المنايا هذه ثلاث وستون، فمات فيها‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ في نوادره ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وفيه محمد بن ربيعة أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال‏:‏ لا يعرف وكامل أبو العلاء أورده الذهبي وقال‏:‏ خرجه ابن حبان ولم يصب في اقتصاره على الحكيم لما فيه من إيهام أنه لا يوجد مخرجاً لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن البيهقي خرجه في الشعب باللفظ المزبور عن أبي هريرة، وكذا الخطيب في التاريخ وأبو يعلى والديلمي والقضاعي وغيرهم وضعفه في الفتح بإبراهيم بن الفضل‏.‏

8188 - ‏(‏معقبات‏)‏ أي كلمات يأتي بعضها عقب بعض، سميت معقبات لأنها تفعل أعقاب الصلوات، وقال القاضي‏:‏ المعقبات الكلمات التي يعقب بعضها بعضاً مأخوذة من العقب ومنه قيل لملائكة الليل والنهار معقبات لأن بعضهم يعقب بعضاً، وقال ابن الأثير‏:‏ سميت معقبات لأنها عادت مرة بعد أخرى أو لأنها تعاد عقب الصلاة، والعقب من كل شيء ما جاء عقب ما قبله وقيل تسبيحات يعقبهن الثواب ‏(‏لا يخيب قائلهن‏)‏ زاد في رواية أو فاعلهن على الشك‏.‏ قال القاضي‏:‏ قد يقال ‏[‏ص 525‏]‏ للقائل فاعلاً لأن القول فعل من الأفعال واعترض بأن الفعل لا يستعمل مكان القول إلا إذا صار القول مستمراً ثابتاً رسوخ الفعل، وقال ابن الأثير‏:‏ والخيبة الحرمان والخسران ‏(‏ثلاث‏)‏ أي هن ثلاث ‏(‏وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة وأربع وثلاثون تكبيرة في دبر‏)‏ بضم الدال وتفتح ‏(‏كل صلاة مكتوبة‏)‏ قال الطيبي‏:‏ وقوله معقبات يحتمل أن يكون صفة مبتدأ أقيمت مقام الموصوف أي كلمات معقبات ولا يخيب خبر ودبر كل صلاة ظرف يجوز أن يكون خبراً بعد خبر وأن يكون متعلقا بقائلهن لا يخيب، ويحتمل أن يكون لا يخيب قائلهن صفة معقبات ودبر صفة أخرى أو خبراً آخر أو متعلقاً بقائلهن وثلاث خبراً آخر ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هي ثلاث وثلاثون والجملة بيان، وفيه ندب هذه الأذكار عقب الصلوات، وحكمته أن وقت الفرائض تفتح فيه الأبواب وترفع فيه الأعمال فالذكر حينئذ أرجى ثواباً وأعظم أجراً‏.‏ وفيه جواز العد والإحصاء في الذكر والتسبيح ورد على من كرهه‏.‏

- ‏(‏حم م ت ن‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن كعب بن عجرة‏)‏ ولم يخرجه البخاري وقول الدارقطني الصواب وقفه على كعب لأن من رفعه لا يقاوم في الحفظ‏:‏ رده النووي‏.‏

8189 - ‏(‏معلم الخير‏)‏ يعني العلم الشرعي ‏(‏يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر‏)‏ في رواية في البحار‏.‏ قال الغزالي‏:‏ هذا في معلم قصد بتعليمه وجه اللّه دون التطاول والتفاخر بخلاف من نفسه مائلة إلى ذلك فقد انتهضت مطيعة للشيطان ليدليه بحبل غروره ويستدرجه بمكيدته إلى غمرة الهلاك وقصده أن يروج عليه الشر في معرض الخير حتى يلحقه ‏{‏بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا‏}‏ أما من قصد بعلمه وجه اللّه سبحانه فإن علمه يتعدى نفعه حتى لدواب البحر بما منه الأمر بإحسان القتلة وغير ذلك فمن ثم كانت تستغفر له‏.‏ ومن ثمرات العلم النافع خشية اللّه ومهابته‏.‏

- ‏(‏طس عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن عائشة‏)‏ رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال الهيثمي‏:‏ فيه من طريق الطبراني إسماعيل بن عبد اللّه بن زرارة قال الأزدي‏:‏ منكر الحديث وإن وتقه ابن حبان ومن طريق البزار محمد بن عبد الملك وهو كذاب اهـ‏.‏

8190 - ‏(‏مفاتيح‏)‏ في رواية مفتاح ‏(‏الغيب‏)‏ أي خزائنه أو ما يتوصل إلى المغيبات على جهة الاستعارة بأن يجعل الغيب مخزناً مغلقاً وذكر ما هو من خواص المخزن وهو المفتاح والمفتاح يطلق على ما كان محسوساً مما يحل غلقاً كالقفل وعلى ما هو معنوياً وفي رواية مفاتح بغير ياء جمع مفتح كما قاله القاضي وهو الخزانة إلى خزائن الغيب ‏(‏خمس‏)‏ واقتصر عليها وإن كانت مفاتيح الغيب لا تتناهى ‏{‏وما يعلم جنود ربك إلا هو‏}‏ لأن العدد لا ينفي الزائد أو لكونها التي كان القوم يدعون علمها أو لأنها الأمهات إذ الأمور إما أن تتعلق بالآخرة وهو علم الساعة أو بالدنيا وذلك إما متعلق بالجماد المأخوذ من الغيب أو بالحيوان في مبدئه وهو ما في الأرحام أو معاشه وهو الكسب أو معاده وهو الموت ‏(‏لا يعلمها إلا اللّه‏)‏ قال الزجاج‏:‏ فمن ادعى شيئاً منها كفر فهو تعالى المتوصل إلى المغيبات المحيط علمه بها لا يتوصل إليها غيره فيعلم أوقاتها وما في تعجيلها أو تأخيرها من الحكم فيظهرها على ما اقتضته حكمته وتعلقت به مشيئته، وفيه دليل على أنه سبحانه يعلم الأشياء قبل وقوعها ‏(‏لا يعلم أحد ما يكون في غد‏)‏ من خير أو شر ‏(‏إلا اللّه ولا يعلم أحد ما يكون في الأرحام‏)‏ ذكر أم أنثى‏؟‏ واحد أم متعدد‏؟‏ ناقص أو تام‏؟‏ شقي أم سعيد ‏(‏إلا اللّه‏)‏ وخص الرحم بالذكر لكون الأكثر ‏[‏ص 526‏]‏ يعرفونها بالعادة ومع ذلك نفى أن يعرف أحد حقيقتها أي إلا بإقداره كالملك الموكل بالتخليق ونفخه الروح ونحو ذلك ‏(‏ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا اللّه‏)‏ ‏{‏إن اللّه عنده علم الساعة‏}‏ لا يعلم ذلك نبي مرسل ولا ملك مقرب ‏(‏ولا‏)‏ في رواية وما ‏(‏تدري نفس‏)‏ برة أو فاجرة ‏(‏بأي أرض تموت‏)‏ أي أين تموت كما لا تدري في أي وقت تموت ‏(‏إلا اللّه‏)‏ فربما أقامت بأرض وضربت أوتادها وقالت لا أبرح منها فيرمي بها مرامي القدر حتى تموت بأرض لم تخطر بباله وفي الكشاف عن المنصور أنه أهمه معرفة مدة عمره فرأى في منامه كأن خيالاً أخرج يده من البحر وأشار إليه بالأصابع الخمس فأوله العلماء بخمس سنين وخمسة أشهر وغير ذلك حتى قال أبو حنيفة تأويلها أن مفاتيح الغيب خمس ولا يعلمها إلا اللّه وأن ما طلبت معرفته لا سبيل إليه ‏(‏ولا يدري أحد متى يجيء المطر‏)‏ ليلاً أو نهاراً ‏(‏إلا اللّه تعالى‏)‏ نعم إذا أمر به علمته الملائكة الموكلون به ومن شاء اللّه من خلقه والمنجم الذي يخبر بشيء من ذلك يقوله بالقياس والنظر في المطالع والقرابات وما يدرك بالدليل لا يكون غيباً على أنه مجرد ظن وقال في موضعين نفس وفي ثالث أحد لأن النفس هي الكاسبة وهي المائية قال اللّه تعالى ‏{‏كل نفس بما كسبت رهينة‏}‏ وقال تعالى ‏{‏اللّه يتوفى الأنفس‏}‏ فلو قال بدلها لفظ أحد فيهما احتمل أن يفهم منه لا يعلم أحد ماذا تكسب نفسه أو بأي أرض تموت نفسه فتفوت المبالغة المقصودة وهي أن النفس لا تعرف حال نفسها حالاً ومآلاً وإذا لم تعرف نفسها فمعرفتها لغيرها أبعد والفرق بين العلم والدراية أن الدراية أخص لأنها علم باختيار أي لا تعلم وإن علمت جبلتها، وعدل عن لفظ القرآن وهو تدري إلى تعلم فبماذا تكسب غداً لزيادة المبالغة إذ نفي العام يستلزم نفي الخاص بدون عكس فكأنه قال لا تعلم أصلاً وإن احتالت‏.‏ وفيه زجر عن اتباع المنجمين في تعاطيهم علم الغيب، هذا ما قرره علماء الظاهر في هذا الحديث، وقال بعض الصوفية‏:‏ مفاتيح الغيب لها خمس مراتب وهي حضرة الغيب المشتملة على علم المعاني المجردة عن الأعيان والحقائق وصور الأشياء في علم الحق ويقابلها حضرة الشهود وبينهما عالم المثال المطلق وله الوسط وحضرة الأرواح بين الوسط والغيب لأن نسبته إلى الغيب أقوى وعالم المثال المقيد الذي بين الوسط وعالم الشهادة أقوى وكل مرتبة سوى هذه فتبع وفرع من فروع هذه الخمسة، وأما قوله ‏{‏لا يعلمها إلا هو‏}‏ فمفسر بأنه لا يعلمها أحد بذاته ومن ذاته إلا هو لكن قد تعلم بإعلام اللّه فإن ثمة من يعلمها وقد وجدنا ذلك لغير واحد كما رأينا جماعة علموا متى يموتون وعلموا ما في الأرحام حال حمل المرأة بل وقبله والمفاتيح المشار إليها هي أسماء الذات وفيه رد على من زعم أن لنزول المطر وقتاً معيناً لا يتخلف عنه‏.‏

- ‏(‏حم خ‏)‏ في كتاب الاستسقاء ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب وظاهر هذا أن البخاري خرجه بهذا اللفظ والذي رأيته معزواً له مفاتيح الغيب خمس ‏{‏إن اللّه عنده علم الساعة‏}‏ إلى آخر الآية فليحرر‏.‏

8191 - ‏(‏مفاتيح‏)‏ وفي رواية مفتاح ‏(‏الجنة شهادة أن لا إله إلا اللّه‏)‏ فيه استعارة لطيفة لأن الكفر لما منع من دخول الجنة شبه بالغلق المانع من دخول الدار ونحوها والإتيان بالشهادة لما رفع المانع وكان سبب دخولها شبهه بالمفتاح وفي البخاري عن وهب أنه قيل له‏:‏ أليس مفتاح الجنة لا إله إلا اللّه‏؟‏ قال‏:‏ بلى ولكن ليس مفتاح إلا وله أسنان فإن أتيت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا فلا، تنبه‏.‏ قال الطيبي‏:‏ مفاتيح الجنة مبتدأ وشهادة خبره وليس بينهما مطابقة من حيث الجمع والإفراد ولذا جعلت الشهادة المثمرة للأعمال الصالحة التي كأسنان المفاتيح جزءاً منها بمنزلة واحدة‏.‏

- ‏(‏حم عن معاذ‏)‏ بن جبل قال الهيثمي‏:‏ رجاله وثقوا إلا أن شهراً لم يسمع من معاذ‏.‏

8192 - ‏(‏مفتاح الجنة الصلاة‏)‏ أي مبيح دخولها الصلاة لأن أبواب الجنة مغلقة فلا يفتحها إلا الطاعة والصلاة أعظمها ‏[‏ص 527‏]‏ فيه استعارة وذلك أن الحدث لما منع من الصلاة شبه بالغلق المانع من الدخول والطهور لما رفع الحدث وكان سبب الإقدام على الصلاة شبه بالمفتاح ‏(‏ومفتاح الصلاة‏)‏ أي مجوز الدخول فيها ‏(‏الطهور‏)‏ بضم الطاء وجوز الرافعي فتحها لأن الفعل لا يمكن بدون آلته‏.‏ وقال الولي العراقي‏:‏ ضبطناه في أصلنا بالفتح وهو الماء على الأشهر واشتهر على الألسنة بالضم والمراد به الفعل‏.‏ قال‏:‏ والأول أظهر لأن الماء مفتاح واستعماله فتح قال الطيبي‏:‏ جعلت الصلاة مقدمة لدخول الجنة كما جعل الوضوء مقدمة للصلاة فكما لا تمكن الصلاة بدون وضوء لا يتهيأ دخول الجنة بدون صلاة‏.‏ قال بعضهم‏:‏ فيه دليل لمن كفر تارك الصلاة اهـ‏.‏ وقال غيره‏:‏ فيه اشتراط الطهارة بصحة الصلاة لدلالة حصر المبتدأ في الخبر على انحصار مفتاح الصلاة في الطهور فدل على أنها مغلقة ممنوع منها لا يفتح غلقها ويزيل المنع منها إلا الطهور وفيه استعمال المجاز في الكلام فإن مفتاح الصلاة مجاز عما يفتحها من غلقها فالحدث كالفعل موضوع على المحدث كالقفل حتى إذا توضأ انحل قال ابن العربي‏:‏ وهذه استعارة بديعة‏.‏

<تنبيه> قد جعل اللّه لكل مطلوب مفتاحاً يفتح به فجعل مفتاح الصلاة الطهور ومفتاح الحج الإحرام ومفتاح البر الصدقة ومفتاح الجنة التوحيد ومفتاح العلم حسن السؤال والإصغاء ومفتاح الظفر الصبر ومفتاح المزيد الشكر ومفتاح الولاية والمحبة الذكر ومفتاح الفلاح التقوى ومفتاح التوفيق الرغبة والرهبة ومفتاح الإجابة الدعاء ومفتاح الرغبة في الآخرة الزهد في الدنيا ومفتاح الإيمان التفكر في مصنوعات اللّه ومفتاح الدخول على اللّه استسلام القلب والإخلاص له في الحب والبغض ومفتاح حياة القلوب تدبر القرآن والضراعة بالأسحار وترك الذنوب ومفتاح حصول الرحمة الإحسان في عبادة الحق والسعي في نفع الخلق ومفتاح الرزق السعي مع الاستغفار ومفتاح العز الطاعة ومفتاح الاستعداد للآخرة قصر الأمل ومفتاح كل خير الرغبة في الآخرة ومفتاح كل شر حب الدنيا وطول الأمل‏.‏ وهذا باب واسع من أنفع أبواب العلم وهو معرفة مفاتيح الخير والشر ولا يقف عليه إلا الموفقون‏.‏

- ‏(‏حم هب عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه رمز المصنف لحسنه‏.‏

8193 - ‏(‏مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير‏)‏ أي سبب كون الصلاة محرمة ما ليس منها التكبير وأصل التحرم المنع، وفيه أن الصلاة لا تنعقد إلا بلفظ اللّه أكبر وهو مذهب الأئمة الثلاثة وقال أبو حنيفة‏:‏ تنعقد بكل لفظ يقصد به التعظيم قالوا‏:‏ والتكبير من خصوصيات هذه الأمة وتمسك به الحنفية على أن التكبير ليس من الصلاة إذ الشيء لا يضاف إلى نفسه قلنا قد يضاف الجزء إلى الجملة كدهليز الدار ‏(‏وتحليلها التسليم‏)‏ أي أنها صارت بهما كذلك فهما مصدران يضافان إلى الفاعل‏.‏ وقال في فتح القدير‏:‏ الإسناد فيه مجازي لأن التحريم ليس نفس التكبير بل يثبت أو يجعل مجازاً لغوياً في استعمال لفظ التحريم فيما به أي ما يثبت به تحريم الصلاة التكبير ومثله في تحليلها التسليم والمستفاد من هذه وجوب المذكورات في الصلاة اهـ‏.‏ وقال الخطابي‏:‏ فيه أن التسليم ركن للصلاة كالتكبير وأن التحلل إنما يكون به دون الحدث والكلام لأنه عرف بأل وعينه كما عين الطهور وعرفه فانصرف إلى الطهارة المعروفة والتعريف بأل مع الإضافة يوجب التخصيص وفيه رد على الحنفية‏.‏ وقال المظهر‏:‏ سمي الدخول في الصلاة تحريماً لأنه يحرم الكلام وغيره والتحليل جعل الشيء المحرم حلالاً وسمي التسليم به لتحليله ما كان حراماً على المصلي، وقال الطيبي‏:‏ شبه الشروع في الصلاة بالدخول في تحريم الملك المحمي عن الأغيار وجعل فتح باب الحرم بالتطهر عن الأدناس والأوضار وجعل الالتفات إلى الغير والشغل به تحليلاً تنبيهاً على التكمل بعد الكمال‏.‏

- ‏(‏حم د ت ه‏)‏ كلهم في الطهارة ‏(‏عن علي‏)‏ أمير المؤمنين رمز المؤلف لحسنه تبعاً للنووي بل قال أعني المؤلف‏:‏ إنه حديث متواتر وزعم ابن العربي أن إسناد أبي داود أصلح من الترمذي قال اليعمري‏:‏ ولا وجه له وفيه محمد بن عقيل ضعفه الأكثر لسوء حفظه لكن ينبغي أن يكون حديثه حسناً‏.‏

‏[‏ص 528‏]‏ 8194 - ‏(‏مقام الرجل في الصف في سبيل اللّه أفضل من عبادة ستين سنة‏)‏ وفي رواية أربعين وفي رواية أقل وفي أخرى أكثر قال البيهقي‏:‏ القصد به تضعيف أجر الغزو على غيره وذلك يختلف باختلاف الناس في نياتهم وإخلاصهم ويختلف باختلاف الأوقات ويحتمل أن يعبر عن التضعيف والتكثير مرة بأربعين ومرة بستين وأخرى بما دونها وأخرى بما فوقها اهـ‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ فمن وجب عليه الغزو وكان التخلي للعبادة المندوبة يفوته فالتخلي لها معصية بل هي حينئذ معصية لاستلزامها ترك الفرض وأما التعليل بأن الاشتغال بالعبادة لا يوجب الغفران ودخول الجنان فغير صواب‏.‏